تطور الاستثمار في السودان
خلال السنوات 1956 – 2010 م
إعداد: د. أحمد شريف عثمان
• فترة قانون 1990 تتميز بتمتع الاستثمارات القطاعية بأكبر قدرات من الميزات
• صدور اتفاقيات ثنائية للاستثمار في عهد نميري بموجب مراسيم سيادية مع جهات أخرى
قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1996م:
صدر هذا القانون كبديل لقانون 1990م الذي فشلت تجربته وتميز هذا القانون بالآتي:-
1- أعطى وزراء الوزارات القطاعية المختصة سلطات الموافقة والرفض على طلبات الاستثمار وإصدار تراخيصها ومنحها الميزات النمطية.
2- ركز سلطات منح الميزات التفضيلية في إعفاءات الضرائب لأكثر من خمس سنوات والإعفاءات الكلية من الجمارك في وزير المالية والاقتصاد الوطني.
وتجربة هذا القانون شبيهة بتجربة قانون 1990 م تحت إشراف مجلس إدارة هيئة الاستثمار التي أجهضت بعد أن فوض سلطاته لرئيس الهيئة ولم يعقد اجتماع بعد الاجتماع الذي صدر فيه قرار التفويض.
وتميزت فترة سريان هذا القانون بأن تمتعت الاستثمارات القطاعية بأكبر قدر من الميزات من وزرائها القطاعيين المختصين.
قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1999م المعدل لسنة 2003 المعدل لسنة 2007م:
صدر هذا القانون في عام 1999م كبديل لقانون عام 1996 ولأول مرة دمج الاستثمار مع وزارات قطاعية مختصة حيث أصبح تحت إشراف وزارة الصناعة والاستثمار في عام 2000 م على أساس أن القطاع الصناعي أكثر القطاعات التي تعتمد في قيام وتشغيل منشآته الاستثمارية على هذا القانون طيلة فترات عملها وإنتاجها.
استمرت سلطات الاستثمار لدى وزير الصناعة والاستثمار خلال الأعوام 2000 و 2001 و 2002 م وللأسف الشديد لم يستفيد القطاع الصناعي من هذه السانحة في أن تنال منشآته أكبر قدر من الميزات الاستثمارية كما كان متوقعاً حيث لم يستوعب وزيرا الصناعة اللذان ترأسا هذا الموقع خلال تلك السنوات أهمية الاستفادة من تركيز سلطات الاستثمار في يد وزير واحد للصناعة والاستثمار. ودون شك إذا ما قدر هذان الوزيران تلك الفرصة لتمكنا من تقديم الحلول للعديد من مشاكل المنشآت الصناعية من خلال منحها الميزات الاستثمارية التي حقيقة تحتاج لها. وكانت سلطات الاستثمار في يد وزير المالية والاقتصاد الوطني ترفض منحها لهم من أجل الإيرادات.
تعديلات عامي 2003 – 2007 م في قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1999م:
للأسف الشديد حدثت تعديلات طاردة للاستثمار خلال هذين العامين أدت لتشويه مناخ الاستثمار كالآتي:-
1- صدر التعديل الأول في عام 2003 م بسحب الميزات الاستثمارية من مشروعات إعادة التأهيل والتعمير والتحديث وخطوط الإنتاج الجديدة. وحدث ذلك لأول مرة في السودان منذ عام 1956 حيث كانت كالجديدة وبالتالي توقف المستثمرون عن الاستثمار في منشآتهم القديمة وصاروا يلجأون للتقديم لإقامة منشآت جديدة للاستفادة من كل الميزات الاستثمارية.
2- وجاء التعديل الثاني في عام 2007 م بسحب إعفاء الدفع عن ثمن ضريبة الأرباح نهائياً من القانون لأول مرة منذ عام قانون 1956م وذلك بحجة أن لجنة الإصلاح الضريبي أوصت بتخفيض فئة الضرائب على المنشآت الاستثمارية من (35%) إلى (10%) ومن الممارسة الفعلية أكتشف المستثمرون أنهم يدفعون بالفئة المخفضة أكثر مما كانوا يدفعون بالفئة القديمة وبعدها فرضت ضريبة تنمية بنسبة (3%) على كافة المنشآت الاستثمارية ومع ظروف تفاقم عجوزات الموازنات من المتنوع أن يزداد هذا النوع من الضريبة المفروضة على المنشآت الاستثمارية والتي تعتبر شاذة بأن تفرض دولة ضريبة تنمية على ميزانيات وأرباح المنشآت الاستثمارية القائمة بها بدلاً من منحها الإعفاءات الضريبية.
3- التعديلات التي أدخلت على قانون تشجيع الاستثمار لسنة 1999م في عامي 2003 – 2007 م جعلته من أسوأ قانون للاستثمار في المنطقة العربية والأفريقية (الكوميسا) حيث تنافست الدول في هاتين المنطقتين على جذب الاستثمارات على أساس أنهما مناطق تجارية واحدة تباع السلع وتقدم فيهما الخدمات بفئات جمركية موحدة للمنتج الوطني والقادم من دول أخرى من المنطقة.
خلاصة حصيلة قوانين الاستثمار خلال الفترة ما بين 1956 إلى 2010 م:
1- تميزت القوانين القطاعية التي صدرت خلال الفترة 1956 – 1976م واستمرت سارية حتى أول عام 1981م بأن كانت فعلاً تشجع وتنظم الاستثمار حسب التسميات التي صدرت بموجبها وكان هنالك نوع من الحرص من الوزارات القطاعية على تنفيذ تلك القوانين بما يخدم القطاع الذي تشرف عليه.
2- بعد عام 1981م ومع صدور أول قانون موحد للاستثمار بدأت ظاهرة تغول عقليات الجباية على المنشآت الاستثمارية. وبالطبع منطقياً لا يعقل للجهة المسئولة عن الموازنات العامة وعجوزاتها المتفاقمة في دول نامية مثل السودان بمشاكله الأمنية المتواصلة منذ أغسطس 1955م أن تمنح إعفاءات جمركية وضرائبية للمنشآت الاستثمارية. وبالتالي توقفت كل الأهداف المرجوة من الاستثمار كزيادة الإنتاج وزيادة الصادرات وتقليل الواردات وتوفير فرص العمل اللائق الشريف لأبناء وبنات السودان عند الأولوية الأولى والأخيرة لدى وزارة المالية والاقتصاد الوطني وهي التقليل من عجز الموازنات العامة وعدم الاهتمام بالأهداف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأخرى.
3- زادت قوانين الاستثمار الموحدة بعد عام 1981 من عددية الجهات التي صارت تشرف على الاستثمار وبعد عام 1990 م دخلت الولايات في ذلك. وكثرة عددية هذه الجهات بالرغم من الزخم حول النافذة الموحدة بوزارة الاستثمار الاتحادية زادت عددية خطوات الاستثمار من (56) خطوة لمعظم القطاعات الاستثمارية إلى (66) خطوة في قطاعات الاستثمار الزراعي والخدمي كالمستشفيات والفنادق والسياحة. وهذه حقيقة يجب عدم إنكارها والتعامل معها بجدية من أجل تخفيض هذه الخطوات والإجراءات خاصة أن كل واحدة منها إنجازها يتطلب دفع رسوم من الصعب أن تتنازل عنها الجهات التي تشرف عليها.
اتفاقيات الاستثمار الثنائية الصادرة بموجب مراسيم سيادية مع جهات أخرى:
ظهرت مثل هذه الاتفاقيات خلال عهد مايو في النصف الأول من السبعينات كرد فعل لقرارات المصادرة والتأميم أذكر منها الآتي:-
1- اتفاقية بين حكومة السودان وشيفرون.
2- اتفاقية بين حكومة السودان وحكومة الكويت بموجبها أنشئت الشركة السودانية الكويتية للاستثمار.
3- اتفاقية بين حكومة السودان وحكومة دولة الامارات أنشئت بموجبها شركة السودان والأمارات للاستثمار.
4- اتفاقية بين حكومة السودان والجماهيرية الليبية أنشئت بموجبها الشركة السودانية الليبية القابضة وأيضاً الشركة السودانية المصرية الزراعية.
5- اتفاقية بين حكومة السودان والهيئة العربية للإنماء والاستثمار الزراعي أنشئت بموجبها العديد من استثمارات هذه الهيئة بالسودان.
6- اتفاقية بين حكومة السودان وشركة سكر كنانة.
هذه أمثلة لتلك الاتفاقيات والتي بموجبها تتعهد حكومة السودان بالآتي:
أ- منح الأرض بالسعر الأساسي المقدر.
ب ـ الإعفاء الكامل من الجمارك ورسوم الوارد.
ج- الإعفاء الكامل من ضريبة أرباح الأعمال.
ويلاحظ بالرغم من هذه الاتفاقيات المغرية التي لم تتمتع بها الاستثمارات الأخرى التي قامت بموجب قوانين الاستثمار فإن معظم الاستثمارات التي قامت بموجب هذه الاتفاقيات الثنائية قد أخفقت أو توقفت تماماً كمصنع النشأ والجلوكوز التابع للهيئة العربية ولاستثمارات الشركة السودانية الليبية القابضة في مجال الزراعة والشركة المصرية في مجال الزراعة.
خلال الفترة 15 – 16 فبراير 2011 م عقدت بقاعة الصداقة ورشة عمل لمناقشة مسودة قانون جديد للاستثمار تحت رعاية المجلس الأعلى للاستثمار وخلال المناقشات برزت العديد من الملاحظات حول المسودة المقترحة من ممثلي اتحاد عام أصحاب العمل والوزارات الاتحادية ووزارات وأجهزة الاستثمار ببعض الولايات ربما تؤدي لإجراء تعديلات عديدة في المسودة المقترحة قبل عرضها للتداول داخل لجان السلطة التنفيذية ثم التشريعية. كما تلاحظ أنه قبل مناقشة هذه المسودة أن قامت العديد من الولايات بإنشاء وزارات وأجهزة ومفوضيات للاستثمار على رأسها وزراء من الولايات.